با کلیک بر روی این قسمت، به خانه سارا شعر بروید about me

به سایت سارا شعر خوش آمدید

نمونه ای از اشعار نزار قبانی به زبان عربی

.
 

 

     نزارقبانی

الدخــــول الى البحــــر


حدثت تجربة الحب أخیرا . . .
ودخلنا جنة الله ، ككل الداخلین
وانزلقنا . .
تحت سطح الماء أسماكا . .
رأینا لؤلؤ البحر الحقیقی . .
وكنا ذاهلین . .

حدثت . . تجربة الحب أخیرا . .
حدثت من غیر إرهاب ولا قسر . .
فأعطیت . . وأعطیت . .
وكنا عادلین . .
حدثت فی منتهى الیسر كما
یكتب المرء بماء الیاسمین. .

وكما ینفجر النبع من الأرض . .
فشكرا . .
لك یا سیدتی
ولرب العالمین . .
 

 


الخطاب


(1)

أوقَفونی ..
وأنا أضحكُ كالمجنونِ وحدی
من خطابٍ كانَ یلقیهِ أمیرُ المؤمنینْ
كلّفتنی ضحكتی عشرَ سنینْ
سألونی ، وأنا فی غرفةِ التحقیقْ ، عمّن حرّضونی
فضحكتْ ..
وعن المالِ ، وعمّن موّلونی ..
فضحكتْ ..
كتبوا كلَّ إجاباتی .. ولم یستجوبونی .
قالَ عنّی المدّعی العام ، وقالَ الجندُ حینَ اعتقلونی :
إننی ضدَّ الحكومَهْ
لم أكنْ أعرفُ أنَّ الضحكَ یحتاجُ لترخیصِ الحكومَهْ
ورسومٍ ، وطوابعْ ..
لم أكنْ أعرفُ شیئاً .. عن غسیلِ المخِّ .. أو فرمِ الأصابعْ
فی بلادی ..
ممكنٌ أن یكتبَ الإنسانُ ضدَّ الله .. لا ضدَّ الحكومهْ
فاعذرونی ، أیّها السّادةُ ، إنْ كنتُ ضحكتْ
كانَ فی ودّی أن أبكی .. ولكنّی ضحكتْ

(2)

كُنتُ بعدَ الظهرِ فی المقهى .. وكانَ البهلوانْ
یلبسُ الطرطورَ بالرأسِ .. ویلقی كلَّ (ما یطلبهُ المستمعونْ)
عن حزیرانَ الذی صارَ معَ الأیامِ .. (ما یطلبهُ المستمعونْ)
واحتفالاً مثلَ عیدِ الفطرِ والأضحى ..
أراجیحَ ، وكعكاً ، وفطائرْ ..
وزیاراتِ مقابرْ ..
كنتُ أسترجعُ أفكاری ، وكانَ المخبرونْ
كالجراثیمِ .. على كلِّ الفناجینِ ، وفی كلِّ الصحونْ ..
كنتُ أصغی .. كألوفِ البسطاءِ الطیّبینْ
لكلامِ البهلوانْ
وهوَ یحكی .. ثم یحكی .. ثم یحكی ..
مثلَ صندوقِ العجائبْ
.. وتذكّرتُ لیالی رمضانْ
وأرجوازَ الذی كانَ له ألفُ لسانٍ ولسانْ
وتذكّرتُ فلسطینَ التی صارتْ حقیبهْ
ما لها فی الأرضِ صاحبْ
كانَ فی حنجرتی ملحٌ ، وحزنی كانَ فی حجمِ الكواكبْ
فاعذرونی ، أیّها السّادةُ ، إن حطّمتُ صندوقَ العجائبْ
وتقیّأتُ على وجهِ أمیرِ المؤمنینْ
وكبیرِ الیاورانْ
واسترحتْ ..
كانَ فی ودّیَ أن أبكی ..
ولكنّی ضحكتْ ..

(3)

نشروا فی صحفِ الیومِ تصاویری .. على أوّلِ صفحهْ ..
واعترافاتی على أولِ صفحهْ ..
فضحكتْ ..
قدّمونی للإذاعاتِ طعاماً ، ولأسنانِ الصحافهْ
جعلونی - دونَ أن أدری - خُرافهْ
ربطونی بالسّفاراتِ .. وأحلافِ الأجانبْ
فضحكتْ ..
إننی لم أشتغلْ من قبلُ قوّاداً .. ولا كنتُ حصاناً للأجانبْ
أنا عبدٌ من عبادِ اللهِ مستورٌ ومغمورٌ ، ومحدودُ المواهبْ
أسمعُ الأخبارَ كالناسِ .. وأستقبلُ مأمورَ الضرائبْ
زوجتی طیّبةُ القلبِ ، وعندی ولدانْ
وأبی حاربَ ضدَّ التُركِ فی الشامِ .. وماتْ
أنا لا أفهمُ فی النحوِ .. وفی الصرفِ .. وفی علمِ الكلامْ
غیرَ أنی لم أعدْ أفهمُ - من بعدِ حزیرانَ - الكلامْ ..
لم أعدْ أهضمُ حرفاً .. من أكاذیبِ أمیر المؤمنینْ
صارت الألفاظُ مطاطاً ..
وصارت لغةُ الحكّامِ صمغاً وعجینْ
خدّرونی بملایینِ الشعاراتِ .. فنمتْ
وأرونی القدسَ فی الحلمِ ..
ولم أجدَ القدسَ ، ولا أحجارَها ، حینَ استفقتْ
فاعذرونی ، أیّها السّادةُ ، إن كنتُ ضحكتْ
كانَ فی ودّیَ أن أبكی .. ولكنّی ضحكتْ

(4)

كنتُ فی المخفرِ مكسوراً .. كبللور كنیسهْ
نافخاً (سورةَ یاسین) بوجهِ القاتلینْ
لم أكنْ أملكُ إلا الصبرَ .. (واللهُ یحبُّ الصابرینْ)
وجراحی .. كبساتینِ أریحا ..
یمطرُ الیاقوتُ منها .. ویضوعُ الیاسمینْ
وفلسطینُ على الأرضِ .. حمامهْ
سقطَتْ تحتَ نعالِ المخبرینْ ..
كنتُ وحدی ..
لم یزرْنی أحدٌ فی السجنْ ..
إلا جبلُ الكرملِ ، والبحرُ ، وشمسُ الناصرَهْ
كنتُ وحدی ..
وملوكُ الشرقِ كانوا جُثثاً فوقَ میاهِ الذاكرهْ
كنتُ مجروحاً .. ومطروحاً على وجهی ، كأكیاسِ الطحینْ
أیّها السّادةُ : لا تندهشوا ..
كلّنا فی نظرِ الحاكمِ .. أكیاسُ طحینْ
كلّنا - بعد حزیرانَ - خِرافٌ
نتسلّى بحشیشِ الصبرِ .. (واللهُ یحبُّ الصابرینْ)
فأطالَ اللهُ فی عمرِ أمیرِ المؤمنینْ
نائبِ اللهِ على الأرضِ .. كبیرِ العادلینْ

(5)

أیّها السّادةُ :
إنی وارثُ الأرضِ الخرابْ
كلّما جئتُ إلى بابِ الخلیفهْ
سائلاً عن (شرمِ الشیخِ) وعن (حیفا) ..
و (رامَ الله) و (الجولانِ) أهدانی خطابْ ..
كلّما كلّمتُهُ - جلَّ جلالُهْ -
عن حزیرانَ الذی صارَ حشیشاً .. نتعاطاهُ صباحاً ومساءْ
واحتفالاً مثلَ عیدِ الفطرِ ، والأضحى ، وذكرى كربلاءْ
ركبَ السیّارةَ المكشوفةَ السقف .. وغطّى صدرهُ بالأوسمهْ
ورشانی بخطابْ ..
كلّما نادیتُهُ : یا أمیرَ البرّ .. والبحرِ .. ویا عالی الجنابْ
سیفُ إسرائیلَ فی رقبتِنا .. سیفُ إسرا .. سیفُ إسـ ...
ركبِ السیّارةَ المكشوفةَ السقف .. إلى دارِ الإذاعهْ
ورشانی بخطابْ ..
ورمانی بینَ أسنانِ الجواسیسِ ، وأنیابِ الكلابْ
فاعذرونی ، أیّها السّادةُ ، إن كنتُ كفرتْ
وَصَفوا لی صبرَ أیّوبَ دواءً .. فشربتْ
أطعمونی ورقَ النشّافِ .. لیلاً ونهاراً .. فأكلتْ
أدخلونی لفلسطینَ على أنغامِ (ما یطلبهُ المستمعونْ)
أدخلونی فی دهالیزِ الجنونْ ..
فاعذرونی - أیّها السّادةُ - إن كنتُ ضحتْ
كان فی ودّیَ أن أبكی ..
ولكنّی ضحكتْ

 

 



الحسناء و الدفتر


قالت: أ تسمح أن تزین دفتری
بعبارةٍ أو بیت شعرٍ واحد..
بیت ٍ أخبئه بلیل ضفائری
و أریحه كالطفل فوق و سائدی
قل ما تشاء فإن شعرك شاعری
أغلى و أروع من جمیع قلائدی

ذات المفكرة الصغیرة.. أعذری
ما عاد ماردك القدیم بمارد
من أین؟ أحلى القارئات أتیتنی
أنا لست أكثر من سراج خامد..
أشعاری الأولى .. أنا أحرقتها
ورمیت كل مزاهری وموائدی
أنت الربیع .. بدفئه و شموسه
ماذا سأصنع بالربیع العائد؟
لا تبحثی عنی خلال كتابتی
شتان ما بینی وبین قصائدی
أنا أهدم الدنیا ببیتٍ شاردٍ
و أعمر الدنیا ببیتٍ شارد
بیدی صنعت جمال كل جمیلةٍ
و أثرت نخوة كل نهدٍ ناهد
أشعلت فی حطب النجوم حرائقاً
وأنا أمامك كالجدار البارد
كتبی التی أحببتها و قرأتها
لیست سوى ورقٍ.. وحبرٍ جامد
لا تُخدعی ببروقها ورعودها
فالنار میتةٌ بجوف مواقدی
سیفی أنا خشبٌ ..فلا تتعجبی
إن لم یضمك , یا جمیلة , ساعدی
إنی أحارب بالحروف و بالرؤى
ومن الدخان صنعت كل مشاهدی
شیدت للحب الأنیق معابداً
وسقطت مقتولاً.. أمام معابدی
قزحیة العینین .. تلك حقیقتی
هل بعد هذا تقرأین قصائدی؟

 

 

الحجر الفلسطینی


هم الذین كتبوا ..
وهم الذین ألفوا ..
وهم الذین نزفوا ..
وهم الذین أمرونی ، فأطعت ..
وحرضونی فصرخت ..
فی كثیر من الأحیان ، یتوهم الشاعر أنه سید النص الذی
یكتبه ، فی حین أن دوره الحقیقی فی عملیة الكتابة ، لا یتعدى
دور الممثل الذی یعید كلمات الملقن ، ودور الأجیر الذی یطیع
أوامر سیده ...
و لا بد لنا من الاعتراف ، أن أسیادنا ، وأسیاد الأدب العربی
فی هذه المرحلة ، هم أطفال الحجارة .
فهم الذین بعثروا أوراقنا .. ودلقوا الحبر على ثیابنا ..
وانتهكوا عذریة نصوصنا القدیمة .. وطردونا من وراء مكاتبنا
المكیفة الهواء
ثم لا بد لنا من الاعتراف ـ وإن كان الاعتراف موجعا ـ أن أطفال
الحجارة ( بهدلونا ) .. نحن الكتاب العرب الذین كنا
نتصور أنفسنا آلهة تمشی على ورق ... وملوكا لا تغیب
الشمس عن قصائدهم ..
نحن لسنا فی الحقیقة أكثر من ملوك من ورق ... كلماتهم
من ورق .. و أحلامهم من ورق .. وقصائدهم من ورق ..
أما الملوك الحقیقیون ، فهم هؤلاء الذین كتبوا بمشتقات
الدم .. وحبر الحریة .. وجعلوا لغة الحجر لغة دولیة تتكلمها
كل شعوب العالم .
من هم أطفال الحجارة ؟
ماذا فعلوا بلغتنا ، بكلامنا ، بتعابیرنا ، بمفرداتنا ، بشعرنا
بنثرنا ، بذاكرتنا البلاغیة ، بخطابنا الشعری الیومی و المألوف ؟
أهم ما فی أطفال الحجارة أنهم قاموا بانقلاب فی ذاكرتنا
الشعریة و اللغویة و القومیة و الثقافیة ، و أحدثوا ( خضة ) فی دورتنا
الدمویة .
قبلهم كنا فی حالة غیبوبة ، فرشونا بخراطیم المیاه ،
و أخرجونا من غرفة العنایة الفائقة .
قبلهم ، كان الشارع العربی باردا كالأسماك المجلدة
فأعادوا إلى أطرافنا الدفء و الحرارة .
قبلهم كنا یتامى .. و جاءوا هم ، فأعطونا هویة الانتماء ،
و أعادوا إلینا أسماءنا العربیة
و أهم ما فی أطفال الحجارة :
أنهم حملوا إلینا المطر .. بعد عصور من العطش
وحملوا إلینا الشمس .. بعد عصور من الظلام .
وحملوا إلینا الأمل .. بعد عصور من الإحباط و الانكسار
أهم ما فیهم إنه خرجوا على ( سلطتنا الأبویة ) ..
وفروا من ( بیت الطاعة ) .. وخالفوا أوامرنا ووصایانا ،
وقرروا أن یحكوا جلدهم بأظافرهم ..
أهم ما فیهم ، أنهم لا یشبهوننا ولا نشبههم ..
ـ وهذا من حسن حظهم ـ وقرروا أن یقاتلوا على طریقتهم ،
ویعیشوا على طریقتهم ... ویموتوا على طریقتهم
أهم ما فی أطفال الحجارة :
أنهم قلبوا الشاحنة التی كانت تسیر بسرعة عشرة أمتار كل
أربعین سنة .. و التی كانت تسیر على حطب الصبر ، واستبدلوها
بطائرة كونكورد تطیر على نار الغضب

******

لقد ألغى أطفال الحجارة ، إجازات كل الشعراء العرب
و أجبروهم على أن یلبسوا الملابس المرقطة .. ویلتحقوا بالجبهة
أنا شخصیا قطعت إجازتی فی سویسرا ، والتحقت بصفوفهم
لم یكن عندی خیار آخر
كان علی أن أكون معهم
أو أن أكون ضد الشعر .

******

إن الحجر الفلسطینی نسف إمارة الشعر من جذورها ، وصار
هو أمیر الشعراء بلا منازع .
فالحجر الفلسطینی لم یكسر زجاج البیت الإسرائیلی فقط
وإنما كسر أیضا زجاج القصیدة العربیة ، ووضعها أمام الأمر
الواقع ، وغیر هویتها ، وخصائصها ، وملامحها الخارجیة
و الداخلیة

******

إننی أعتقد أن أطفال الحجارة ، نقلوا الشعر العربی من حال
إلى حال ، ومن مرحلة على مرحلة .
كما أعتقد أنهم أدخلوا الشعر العربی إلى حداثة من نوع
جدید ، هی حداثة المعاناة الواقعیة التوریة ، لا حداثة
الغموض ، و التغریب ، و الدهالیز الباطنیة
وهكذا أسقط أطفال الحجارة ـ من جملة ما
أسقطوا ـ الخطاب الشعری القدیم ، إلى جانب الخطاب السیاسی
القدیم ، وفتحوا أمامنا أبواب الثورة .. و الحریة .. و الحداثة
على مصراعیها .
 

 

 


الحب والبترول


متى تفهمْ ؟
متى یا سیّدی تفهمْ ؟
بأنّی لستُ واحدةً كغیری من صدیقاتكْ
ولا فتحاً نسائیّاً یُضافُ إلى فتوحاتكْ
ولا رقماً من الأرقامِ یعبرُ فی سجلاّتكْ ؟
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
أیا جَمَلاً من الصحراءِ لم یُلجمْ
ویا مَن یأكلُ الجدریُّ منكَ الوجهَ والمعصمْ
بأنّی لن أكونَ هنا.. رماداً فی سجاراتكْ
ورأساً بینَ آلافِ الرؤوسِ على مخدّاتكْ
وتمثالاً تزیدُ علیهِ فی حمّى مزاداتكْ
ونهداً فوقَ مرمرهِ.. تسجّلُ شكلَ بصماتكْ
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّكَ لن تخدّرنی.. بجاهكَ أو إماراتكْ
ولنْ تتملّكَ الدنیا.. بنفطكَ وامتیازاتكْ
وبالبترولِ یعبقُ من عباءاتكْ
وبالعرباتِ تطرحُها على قدمیْ عشیقاتكْ
بلا عددٍ.. فأینَ ظهورُ ناقاتكْ
وأینَ الوشمُ فوقَ یدیكَ.. أینَ ثقوبُ خیماتكْ
أیا متشقّقَ القدمینِ.. یا عبدَ انفعالاتكْ
ویا مَن صارتِ الزوجاتُ بعضاً من هوایاتكْ
تكدّسهنَّ بالعشراتِ فوقَ فراشِ لذّاتكْ
تحنّطهنَّ كالحشراتِ فی جدرانِ صالاتكْ
متى تفهمْ ؟

متى یا أیها المُتخمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّی لستُ مَن تهتمّْ
بناركَ أو بجنَّاتكْ
وأن كرامتی أكرمْ..
منَ الذهبِ المكدّسِ بین راحاتكْ
وأن مناخَ أفكاری غریبٌ عن مناخاتكْ
أیا من فرّخَ الإقطاعُ فی ذرّاتِ ذرّاتكْ
ویا مَن تخجلُ الصحراءُ حتّى من مناداتكْ
متى تفهمْ ؟

تمرّغ یا أمیرَ النفطِ.. فوقَ وحولِ لذّاتكْ
كممسحةٍ.. تمرّغ فی ضلالاتكْ
لكَ البترولُ.. فاعصرهُ على قدَمی خلیلاتكْ
كهوفُ اللیلِ فی باریسَ.. قد قتلتْ مروءاتكْ
على أقدامِ مومسةٍ هناكَ.. دفنتَ ثاراتكْ
فبعتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتكْ
كأنَّ حرابَ إسرائیلَ لم تُجهضْ شقیقاتكْ
ولم تهدمْ منازلنا.. ولم تحرقْ مصاحفنا
ولا رایاتُها ارتفعت على أشلاءِ رایاتكْ
كأنَّ جمیعَ من صُلبوا..
على الأشجارِ.. فی یافا.. وفی حیفا..
وبئرَ السبعِ.. لیسوا من سُلالاتكْ
تغوصُ القدسُ فی دمها..
وأنتَ صریعُ شهواتكْ
تنامُ.. كأنّما المأساةُ لیستْ بعضَ مأساتكْ
متى تفهمْ ؟
متى یستیقظُ الإنسانُ فی ذاتكْ ؟
 

 

 



الحب فی الجاهلیه


شاءت الأقدار، یا سیدتی،
أن نلتقی فی الجاهلیه!!..
حیث تمتد السماوات خطوطا أفقیه
والنباتات، خطوطا أفقیه..
والكتابات، الدیانات، المواویل، عروض الشعر،
والأنهار، والأفكار، والأشجار،
والأیام، والساعات،
تجری فی خطوط أفقیه..
شاءت الأقدار..
أن أهواك فی مجتمع الكبریت والملح..
وأن أكتب الشعر على هذی السماء المعدنیه
حیث شمس الصیف فأس حجریه
والنهارات قطارات كآبه..
شاءت الأقدار أن تعرف عیناك الكتابه
فی صحارى لیس فیها..
نخله..
أو قمر ..
أو أبجدیه ...
شاءت الأقدار، یا سیدتی،
أن تمطری مثل السحابه
فوق أرض ما بها قطرة ماء
وتكونی زهرة مزروعة عند خط الاستواء..
وتكونی صورة شعریه
فی زمان قطعوا فیه رءوس الشعراء
وتكونی امرأة نادره
فی بلاد طردت من أرضها كل النساء...
***
أو یا سیدتی..
یا زواج الضوء والعتمة فی لیل العیون الشركسیه..
یا ملایین العصافیر التی تنقر الرمان..
من تنورة أندلسیه..
شاءت الأقدار أن نعشق بالسر..
وأن نتعاطى الجنس بالسر..
وأن تنجبی الأطفال بالسر..
وأن أنتمی - من أجل عینیك -
لكل الحركات الباطنیه..
***
شاءت الأقدار یا سیدتی..
أن تسقطی كالمجدلیه..
تحت أقدام الممالیك..
وأسنان الصعالیك..
ودقات الطبول الوثنیه..
وتكونی فرسا رائعه..
فوق أرض یقتلون الحب فیها..
والخیول العربیه..
***
شاءت الأقدار أن نذبح یا سیدتی
مثل آلاف الخیول العربیه..
 

 


الحاكم والعصفور


أتجوَّلُ فی الوطنِ العربیِّ
لأقرأَ شعری للجمهورْ
فأنا مقتنعٌ
أنَّ الشعرَ رغیفٌ یُخبزُ للجمهورْ
وأنا مقتنعٌ – منذُ بدأتُ –
بأنَّ الأحرفَ أسماكٌ
وبأنَّ الماءَ هوَ الجمهورْ
أتجوَّلُ فی الوطنِ العربیِّ
ولیسَ معی إلا دفترْ
یُرسلنی المخفرُ للمخفرْ
یرمینی العسكرُ للعسكرْ
وأنا لا أحملُ فی جیبی إلا عصفورْ
لكنَّ الضابطَ یوقفنی
ویریدُ جوازاً للعصفورْ
تحتاجُ الكلمةُ فی وطنی
لجوازِ مرورْ

أبقى ملحوشاً ساعاتٍ
منتظراً فرمانَ المأمورْ
أتأمّلُ فی أكیاسِ الرملِ
ودمعی فی عینیَّ بحورْ
وأمامی كانتْ لافتةٌ
تتحدّثُ عن (وطنٍ واحدْ)
تتحدّثُ عن (شعبٍ واحدْ)
وأنا كالجُرذِ هنا قاعدْ
أتقیأُ أحزانی..
وأدوسُ جمیعَ شعاراتِ الطبشورْ
وأظلُّ على بابِ بلادی
مرمیّاً..
كالقدحِ المكسورْ

 

 


التمثیلیة


أقول أمام الناس لست حبیبتی
وأعرف فی الأعماق كم كنت كاذبا
وأزعم أن لا شیء یجمع بیننا
لأبعد عن نفسی وعنك المتاعبا
وأن فی إشاعات الهوى . . وهی حلوة
وأجعل تاریخی الجمیل خرائبا
وأعلن فی شكل غبی براءتی
وأذبح شهواتی . . وأصبح راهبا
وأقتل عطری . . عامدا متعمدا
وأخرج من جنات عینیك هاربا
أقوم بدور مضحك یا حبیبتی
وأرجع من تمثیل دوری خائبا
فلا اللیل یخفی, لو أراد, نجومه
ولا البحر یخفی, لو أراد, المراكبا

 

 


التقصیر


منذ ثلاثین سنه
أحلم بالتغییر
وأكتب القصیدة الثوره .. والقصیدة الأزمه ..
والقصیدة الحریر ..
***
منذ ثلاثین سنه
ألعب باللغات مثلما أشاء
وأكتب التاریخ بالشكل الذی أشاء..
وأجعل النقاط، والحروف ، والأسماء، والأفعال،
تحت سلطة النساء.
وأدعی بأننی الأول فی فن الهوى..
وأننی الأخیر ..
***
وعندما دخلت .. یا سیدتی
إلى بلاط حبك الكبیر..
انكسرت فوق یدی قارورة العبیر
وانكسر الكلام - یا سیدتی - على فمی
وانكسر التعبیر ..
***
ولا أزال كلما سافرت فی عینیك .. یا حبیبتی
أشعر بالتقصیر..
وكلما حدقت فی یدیك یا حبیبتی
أشعر بالتقصیر ..
وكلما اقتربت من جمالك الوحشی یا حبیبتی
أشعر بالتقصیر
وكلما راجعت أعمالی التی كتبتها..
قبیل أن أراك یا حبیبتی..
أشعر التقصیر..
أشعر التقصیر..
أشعر التقصیر..

 

 



التفكیر بالأصابع


ماذا یهمك أن أكون ؟
حجر ٌ.. كتابٌ.. غیمةٌ..
ماذا یهمك من أكون ؟
خلیك فی وهمی الجمیل..
فسوف یقتلك الیقین..
ماذا یهمك من أنا ؟
مادمت أحرث كالحصان على السریر الواسع..
مادمت أزرع تحت جلدك ألف طفل رائع..
مادمت أسكب فی خلیجك..
رغوتی و زوابعی..
ما شأن أفكاری ؟ دعیها جانباً..
إنی أفكر عادةً بأصابعی..

 

 


التأشیرة


فی مركز للأمن فی إحدى البلاد النامیة
وقفت عند نقطة التفتیش ،
ما كن معی شیء سوى أحزانیه
كانت بلادی بعد میل واحد
وكان قلبی فی ضلوعی راقصا
كأنه حمامة مشتاقة للساقیة .
كان جوازی بیدی
یحلم بالأرض التی لعبت فی حقولها
و أطعمتنی قمحها ، ولوزها وتینها
و أرضعتنی العافیة ..
وقفت فی الطابور ،
كان الناس یأكلون اللب ..و التُرْمُسَ ..
كانوا یطرحون البول مثل الماشیة
من عهد فرعون .. إلى أیامنا
هناك دوما حاكم بأمره
و أمه تبول فوق نفسها كالماشیة

..........

فی مركز للأمن فی بلادیه
ولیس فی الكونغو .. و لا تانزانیا
الشمس كانت تلبس الكاكی
و الأشجار كانت تلبس الكاكی
و الوردة كانت تلبس الملابس المرقطة ..
كان هناك الخوف من أمامنا
و الخوف من ورائنا
وضابط مدجج بخمس نجمات .. و بالكراهیة
من یوم قابیل إلى أیامنا
كان هناك قاتل محترف
و أمه تسلخ مثل الماشیة ...

..........

فی مركز العذاب حیث الشمس لا تدور ..
و الوقت لا یدور ..
وحیث لا یبقى من الإنسان غیر اللیف و القشور
یمتد خط أحمر ..
ما بین بیرلینین ، بیروتین ، صنعائین ،
مكتبین ، مصحفین ، قبلتین ،
مذهبین ،
لهجتین ،
حارتین ،
شارتی مرور ، ..
الرعب كان سید الفصول
و الأرض كانت تشحذ الأمطار من أیلول
و نحن كنا نشحذ الأمر الهامایونی بالدخول ..
وا عجبی ..
أكلما استقل شعب من شعوب آسیا
یسوقه أبطاله للذبح مثل الماشیة ؟؟

...........

أین أنا ؟
كل العلامات تقول :
هذه ( أعرابیا )
كل الإهانات التی نسمعها
بضاعة قدیمة تنتجها ( أعرابیا )
كل الدروب ، كله
تفضی لسیف الطاغیة ..
أین أنا ؟
ما بین كل شارع وشارع
قامت بلد ..
ما بین كل حائط وحائط ..
قامت بلد ..
ما بین كل نخلة وظلها ..
قامت بلد ..
ما بین كل امرأة وطفلها ..
قامت بلد ..
یا خالقی : یا راسم الأفق : ویا مهندس السماء
هل ذلك الثقب الذی لیس یرى
هو البلد ؟؟؟

...........

فی مركز الجنون ، و الصداع ، و السعال ، و البلهارسیا
وقفت شهرا كاملا
وقفت عاما كاملا
وقفت دهرا كاملا
أما أبواب زعیم المافیا ..
أشحذ منه الإذن بالمرور ..أشحذ منه منزل الطفولة
و الورد ، و الزنبق ، و الأضالیا
أشحذ منه غرفتی
و الحبر ، و الأقلام ، و الطبشور
قلت لنفسی و أنا ..
أواجه البنادق الروسیة المخرطشة
وا عجبی .. وا عجبی ..
هل أصبح الله زعیم المافیا ؟؟
فی مركز للخوف لا اسم له
لكنه ..
ینبت كالفطر فی كل زوایا البادیة
وقفت عمرا كاملا
وعندما أصبحت شیخا طاعنا
ووافقوا على دخولی وطنی
عرفت أن الوطن الغالی الذی عشقته
ما عاد فی الجغرافیا ..
ما عاد فی الجغرافیا ..
ما عاد فی الجغرافیا ..

 

 


إلا معی


ستذكرین دائماً أصابعی..

لو ألف عام عشت.. یا عزیزتی

ستذكرین دائماً أصابعی..

فضاجعی من شئت أن تضاجعی..

ومارسی الحب .. على أرصفة الشوارع

نامی مع الحوذی , واللوطی

والإسكاف.. والمزارع

نامی مع الملوك و اللصوص

والنساك فی الصوامعِ

نامی مع النساء , لا فرق ,

مع الریح , مع الزوابع..

فلن تكونی امرأةً..

إلا معی.. إلا معی..

 

 



أكبر من كل الكلمات


سیدتی عندی فی الدفتر
ترقص آلاف الكلمات
واحدة ٌ فی ثوب ٍ أصفر
واحدة ٌ فی ثوب ٍ أحمر
یحرق أطراف الصفحات
أنا لست وحیداً فی الدنیا
عائلتی .. حزمة أبیات
أنا شاعر حب ٍ جوالٌ
تعرفه كل الشرفات
تعرفه كل الحلوات
عندی للحب تعابیر ٌ
ما مرت فی بال دواة
الشمس فتحت نوافذها
وتركت هنالك مرساتی
و قطعت بحاراً .. وبحاراً
أنبش أعماق الموجات
أبحث فی جوف الصدفات
عن حرف كالقمر الأخضر
أهدیه لعینی مولاتی

سیدتی! فی هذا الدفتر
تجدین ألوف الكلمات
الأبیض منها .. والأحمر
الأزرق منها.. والأصفر
لكنك .. یاقمری الأخضر
أحلى من كل الكلمات
أكبر من كل الكلمات..

 

 


أقدم اعتذاری


أقدم اعتذاری
لوجهك الحزین مثل شمس آخر النهارِ
عن الكتابات التی كتبتها
عن الحماقات التی ارتكبتها
هن كل ماأحدثته
فی جسمك النقی من دمارِ
وكل ماأثرته حولك من غبارِ

أقدم اعتذاری
عن كل ماكتبت من قصائد شریرة
فی لحظة انهیاری
فالشعر یاصدیقتی
منفای واحتضاری
طهارتی وعاری
ولاأرید مطلقاً أن توصمی بعاری

من أجل هذا جئت یاصدیقتی
أقدم اعتذاری
 

 

 


إفادة فی محكمة الشعر


مرحباً یا عراقُ، جئتُ أغنّیكَ
وبعـضٌ من الغنـاءِ بكـاءُ
مرحباً، مرحباً.. أتعرفُ وجهاً
حفـرتهُ الأیّـامُ والأنـواءُ؟

أكلَ الحبُّ من حشاشةِ قلبی
والبقایا تقاسمتـها النسـاءُ

كلُّ أحبابی القدامى نسَـونی
لا نُوارَ تجیـبُ أو عفـراءُ

فالشفـاهُ المطیّبـاتُ رمادٌ
وخیامُ الهوى رماها الـهواءُ

سكنَ الحزنُ كالعصافیرِ قلبی
فالأسى خمرةٌ وقلبی الإنـاءُ

أنا جرحٌ یمشی على قدمیهِ
وخیـولی قد هدَّها الإعیاءُ

فجراحُ الحسینِ بعضُ جراحی
وبصدری من الأسى كربلاءُ

وأنا الحزنُ من زمانٍ صدیقی
وقلیـلٌ فی عصرنا الأصدقاءُ

مرحباً یا عراقُ،كیفَ العباءاتُ
وكیفَ المها.. وكیفَ الظباءُ؟

مرحباً یا عراقُ.. هل نسیَتنی
بعدَ طولِ السنینِ سامـرّاءُ؟

مرحباً یا جسورُ یا نخلُ یا نهرُ
وأهلاً یا عشـبُ... یا أفیاءُ

كیفَ أحبابُنا على ضفةِ النهرِ
وكیفَ البسـاطُ والنـدماءُ؟

كان عندی هـنا أمیرةُ حبٍّ
ثم ضاعت أمیرتی الحسـناءُ

أینَ وجهٌ فی الأعظمیّةِ حلوٌ
لو رأتهُ تغارُ منهُ السـماءُ؟

إننی السندبادُ.. مزّقهُ البحرُ
و عـینا حـبیبتی المـیناءُ

مضغَ الموجُ مركبی.. وجبینی
ثقبتهُ العواصـفُ الهـوجاءُ

إنَّ فی داخلی عصوراً من الحزنِ
فهـل لی إلى العـراقِ التجاءُ؟

وأنا العاشـقُ الكبیرُ.. ولكـن
لیس تكفی دفاتـری الزرقـاءُ

یا حزیرانُ.ما الذی فعلَ الشعرُ؟
وما الذی أعطـى لنا الشعراءُ؟

الدواوینُ فی یدینا طـروحٌ
والتعـابیرُ كـلُّها إنـشاءُ

كـلُّ عامٍ نأتی لسوقِ عكاظٍ
وعـلینا العمائمُ الخضـراءُ

ونهزُّ الرؤوسَ مثل الدراویشِ
...و بالنار تكتـوی سـیناءُ

كـلُّ عامٍ نأتی.. فهذا جریرٌ
یتغنّـى.. وهـذهِ الخـنساءُ

لم نزَل، لم نزَل نمصمصُ قشراً
وفلسطـینُ خضّبتها الـدماءُ

یا حزیرانُ.. أنـتَ أكـبرُ منّا
وأبٌ أنـتَ مـا لـهُ أبـناءُ

لـو ملكـنا بقیّـةً من إباءٍ
لانتخـینا.. لكـننا جـبناءُ

یا عصـورَ المعلّـقاتِ ملَلنا
ومن الجسـمِ قد یملُّ الرداءُ

نصفُ أشعارنا نقوشٌ ومـاذا
ینفعُ النقشُ حین یهوی البناءُ؟

المقاماتُ لعبةٌ... والحـریریُّ
حشیشٌ.. والغولُ والعـنقاءُ

ذبحتنا الفسیفساءُ عصـوراً
والدُّمى والزخارفُ البلـهاءُ

نرفضُ الشعرَ كیمیاءً وسحراً
قتلتنا القصیـدةُ الكیـمیاءُ

نرفضُ الشعرَ مسرحاً ملكیاً
من كراسیهِ یحرمُ البسـطاءُ

نرفضُ الشعرَ أن یكونَ حصاناً
یمتطـیهِ الطـغاةُ والأقـویاءُ

نرفضُ الشعـرَ عتمـةً ورموزاً
كیف تستطیعُ أن ترى الظلماءُ؟

نرفضُ الشعـرَ أرنباً خشـبیّاً
لا طمـوحَ لـهُ ولا أهـواءُ

نرفضُ الشعرَ فی قهوةِ الشعر..
دخـانٌ أیّامـهم.. وارتخـاءُ

شعرُنا الیومَ یحفرُ الشمسَ حفراً
بیدیهِ.. فكلُّ شـیءٍ مُـضاءُ

شعرنا الیومَ هجمةٌ واكتشافٌ
لا خطوطَ كوفیّـةً ، وحِداءُ

كلُّ شعرٍ معاصرٍ لیـسَ فیهِ
غصبُ العصرِ نملةٌ عـرجاءُ

ما هوَ الشعرُ إن غدا بهلواناً
یتسـلّى برقصـهِ الخُـلفاءُ

ما هو الشعرُ.. حینَ یصبحُ فأراً
كِسـرةُ الخبزِ –هَمُّهُ- والغِذاءُ

وإذا أصبـحَ المفكِّـرُ بُـوقاً
یستوی الفكرُ عندها والحذاءُ

یُصلبُ الأنبیاءُ من أجل رأیٍ
فلماذا لا یصلبَ الشعـراءُ؟

الفدائیُّ وحدهُ.. یكتبُ الشعرَ
و كـلُّ الذی كتبناهُ هـراءُ

إنّهُ الكاتـبُ الحقیقیُّ للعصـرِ
ونـحنُ الحُـجَّابُ والأجـراءُ

عنـدما تبدأُ البنادقُ بالعـزفِ
تمـوتُ القصـائدُ العصـماءُ

ما لنا؟ مالنا نلـومُ حـزیرانَ
و فی الإثمِ كـلُّنا شـركاءُ؟

من هم الأبریاءُ؟ نحنُ جمیـعاً
حامـلو عارهِ ولا اسـتثناءُ

عقلُنا، فكرُنا، هزالُ أغانینا
رؤانا، أقوالُـنا الجـوفـاءُ

نثرُنا، شعرُنا، جرائدُنا الصفراءُ
والحـبرُ والحـروفُ الإمـاءُ

البطـولاتُ موقفٌ مسرحیٌّ
ووجـوهُ الممثلـینَ طـلاءُ

وفلسـطینُ بینهم كمـزادٍ
كلُّ شـارٍ یزیدُ حین یشـاءُ

وحدویّون! والبلادُ شـظایا
كـلُّ جزءٍ من لحمها أجزاءُ

ماركسیّونَ! والجماهیرُ تشقى
فلماذا لا یشبـعُ الفقـراءُ؟

قرشیّونَ! لـو رأتهم قریـشٌ
لاستجارت من رملِها البیداءُ

لا یمـینٌ یجیرُنا أو یسـارٌ
تحتَ حدِّ السكینِ نحنُ سواءُ

لو قرأنا التاریخَ ما ضاعتِ القدسُ
وضاعت من قبـلها "الحمـراءُ"..

یا فلسطینُ، لا تزالینَ عطـشى
وعلى الزیتِ نامتِ الصحـراءُ

العباءاتُ.. كلُّها من حریـرٍ
واللـیالی رخیصـةٌ حمـراءُ

یا فلسطینُ، لا تنادی علیهم
قد تساوى الأمواتُ والأحیاءُ

قتلَ النفطُ ما بهم من سجایا
ولقد یقتـلُ الثـریَّ الثراءُ

یا فلسطینُ، لا تنادی قریشاً
فقریشٌ ماتـت بها الخیَـلاءُ

لا تنادی الرجالَ من عبدِ شمسٍ
لا تنادی.. لم یبـقَ إلا النساءُ

ذروةُ الموتِ أن تموتَ المروءاتُ
ویمشـی إلى الـوراءِ الـوراءُ

مرَّ عامـانِ والغزاةُ مقیمـونَ
و تاریـخُ أمـتی... أشـلاءُ

مـرَّ عامانِ.. والمسیـحُ أسیرٌ
فی یدیهم.. و مـریمُ العـذراءُ

مرَّ عامـانِ.. والمآذنُ تبكـی
و النواقیـسُ كلُّها خرسـاءُ

أیُّها الراكعونَ فی معبدِ الحرفِ
كـفانا الـدوارُ والإغـماءُ

مزِّقوا جُبَّةَ الدراویشِ عـنكم
واخلعوا الصوفَ أیُّها الأتقیاءُ

اتركـوا أولیاءَنا بسـلامٍ
أیُّ أرضٍ أعادها الأولیاءُ؟

فی فمی یا عراقُ.. مـاءٌ كـثیرٌ
كیفَ یشكو من كانَ فی فیهِ ماءُ؟

زعموا أننی طـعنتُ بـلادی
وأنا الحـبُّ كـلُّهُ والـوفاءُ

أیریدونَ أن أمُـصَّ نـزیفی؟
لا جـدارٌ أنا و لا ببـغاءُ!

أنـا حریَّتی... فإن سـرقوها
تسقطِ الأرضُ كلُّها والسماءُ

ما احترفتُ النِّفاقَ یوماً وشعری
مـا اشتـراهُ الملـوكُ والأمراءُ

كلُّ حرفٍ كتبتهُ كانَ سـیفاً
عـربیّاً یشـعُّ منهُ الضـیاءُ

وقلیـلٌ من الكـلامِ نقـیٌّ
وكـثیرٌ من الكـلامِ بغـاءُ

كم أُعانی مما كتبـتُ عـذاباً
ویعانی فی شـرقنا الشـرفاءُ

وجعُ الحرفِ رائعٌ.. أوَتشكو
للـبسـاتینِ وردةٌ حمـراءُ؟

كلُّ من قاتلوا بحرفٍ شجاعٍ
ثم ماتـوا.. فإنـهم شهداءُ

لا تعاقب یا ربِّ من رجمونی
واعفُ عنهم لأنّـهم جهلاءُ

إن حبّی للأرضِ حبٌّ بصیرٌ
وهواهم عواطـفٌ عمیاءُ

إن أكُن قد كویتُ لحمَ بلادی
فمن الكیِّ قد یجـیءُ الشفاءُ

من بحارِ الأسى، ولیلِ الیتامى
تطلـعُ الآنَ زهـرةٌ بیضاءُ

ویطلُّ الفداءُ شمـساً عـلینا
ما عسانا نكونُ.. لولا الفداءُ

من جراحِ المناضلینَ.. وُلدنا
ومنَ الجرحِ تولدُ الكـبریاءُ

قبلَهُم، لم یكن هـناكَ قبـلٌ
ابتداءُ التاریخِ من یومِ جاؤوا

هبطوا فوقَ أرضـنا أنبیاءً
بعد أن ماتَ عندنا الأنبیاءُ

أنقذوا ماءَ وجهنا یومَ لاحوا
فأضاءت وجوهُنا السوداءُ

منحونا إلى الحـیاةِ جـوازاً
لم تكُـن قبلَهم لنا أسمـاءُ

أصدقاءُ الحروفِ لا تعذلونی
إن تفجّرتُ أیُّها الأصـدقاءُ

إننی أخزنُ الرعودَ بصدری
مثلما یخزنُ الرعودَ الشتاءُ

أنا ما جئتُ كی أكونَ خطیباً
فبلادی أضاعَـها الخُـطباءُ

إننی رافضٌ زمانی وعصـری
ومن الـرفضِ تولدُ الأشـیاءُ

أصدقائی.. حكیتُ ما لیسَ یُحكى
و شـفیعی... طـفولتی والنـقاءُ

إننی قـادمٌ إلیكـم.. وقلـبی
فـوقَ كـفّی حمامـةٌ بیضـاءُ

إفهمونی.. فما أنا غـیرُ طـفلٍ
فـوقَ عینیهِ یسـتحمُّ المـساءُ

أنا لا أعرفُ ازدواجیّةَ الفكرِ
فنفسـی.. بحـیرةٌ زرقـاءُ

لبلادی شعری.. ولستُ أبالی
رفصتهُ أم باركتـهُ السـماءُ..


 


إغضب


إغضبْ كما تشاءُ..
واجرحْ أحاسیسی كما تشاءُ
حطّم أوانی الزّهرِ والمرایا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوایا..
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..
كلُّ ما تقولهُ سواءُ..
فأنتَ كالأطفالِ یا حبیبی
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..
***
إغضبْ!
فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ
إغضب!
فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..
كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..
فإنَّ قلبی دائماً غفورُ
إغضب!
فلنْ أجیبَ بالتحدّی
فأنتَ طفلٌ عابثٌ..
یملؤهُ الغرورُ..
وكیفَ من صغارها..
تنتقمُ الطیورُ؟
***
إذهبْ..
إذا یوماً مللتَ منّی..
واتهمِ الأقدارَ واتّهمنی..
أما أنا فإنی..
سأكتفی بدمعی وحزنی..
فالصمتُ كبریاءُ
والحزنُ كبریاءُ
إذهبْ..
إذا أتعبكَ البقاءُ..
فالأرضُ فیها العطرُ والنساءُ..
وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حنانی..
فعُدْ إلى قلبی متى تشاءُ..
فأنتَ فی حیاتیَ الهواءُ..
وأنتَ.. عندی الأرضُ والسماءُ..
***
إغضبْ كما تشاءُ
واذهبْ كما تشاءُ
واذهبْ.. متى تشاءُ
لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ یومٍ
وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ...
 

 

أعنف حب عشته


تلومنی الدنیا إذا أحببته
كأنی .. أنا خلقت الحب واخترعته
كأننی أنا على خدود الورد قد رسمته
كأننی أنا التی
للطیر فی السماء قد علمته
وفی حقول القمح قد زرعته
وفی میاه البحر قد ذوبته
كأننی .. أنا التی
كالقمر الجمیل فی السماء
قد علقته
تلومنی الدنیا إذا
سمیت من أحب .. أو ذكرته
كأننی أنا أهوى
وأمه .. وأخته
هذا الهوى الذی أتى
من حیث ما انتظرته
مختلف عن كل ما عرفته
مختلف عن كل ما قرأته
وكل ما سمعته
لو كنت أدری أنه
نوع من الإدمان .. ما أدمنته
لو كنت أدری أنه
باب كثیر الریح .. ما فتحته
لو كنت أدری أنه
عود من الكبریت .. ما أشعلته
هذا الهوى . أعنف حب عشته
فلیتنی حین أتانی فاتحاً
یدیه لی .. رددته
ولیتنی من قبل أن یقتلنی .. قتلته
هذا الهوى الذی أراه فی اللیل
على ستائری
أراه .. فی ثوبی
وفی عطری .. وفی أساوری
أراه .. مرسوماً على وجه یدی
أراه .. منقوشاً على مشاعری
لو أخبرونی أنه
طفل كثیر اللهو والضوضاء ما أدخلته
وأنه سیكسر الزجاج فی قلبی لما تركته
لو أخبرونی أنه
سیضرم النیران فی دقائق
ویقلب الأشیاء فی دقائق
ویصبغ الجدران بالأحمر والأزرق فی دقائق
لكنت قد طردته
یا أیها الغالی الذی
أرضیت عنی الله .. إذا أحببته
هذا الهوى أجمل حب عشته
أروع حب عشته
فلیتنی حین أتانی زائراً
بالورد قد طوقته
ولیتنی حین أتانی باكیاً
فتحت أبوابی له .. وبسته
وبسته .. وبسته

 

 


إشاعات الهوى


أقول أمام الناس لست حبیبتی
وأعرف فی الأعماق كم كنت كاذبا
وأزعم أن لا شیء یجمع بیننا
لأبعد عن نفسی وعنك المتابعا
وأنفی إشاعات الهوى وهی حلوة
واجعل تاریخی الجمیل خرائبا
واعلن فی شكل غبی براءتی
وأذبح شهواتی، اصبح راهبا
وأقتل عطری عامداً متعمداً
وأخرج من جنات عینك هاربا
أقوم بدور مضحك یا حبیبتی
وأرجع من تمثیل دوری خائبا
فلا اللیل یخفی لو أراد نجومه
ولا البحر یخفی لو أراد المراكبا

 

 



أسألك الرحیلا


لنفترق قلیلا..
لخیرِ هذا الحُبِّ یا حبیبی
وخیرنا..
لنفترق قلیلا
لأننی أریدُ أن تزیدَ فی محبتی
أریدُ أن تكرهنی قلیلا
***
بحقِّ ما لدینا..
من ذِكَرٍ غالیةٍ كانت على كِلَینا..
بحقِّ حُبٍّ رائعٍ..
ما زالَ منقوشاً على فمینا
ما زالَ محفوراً على یدینا..
بحقِّ ما كتبتَهُ.. إلیَّ من رسائلِ..
ووجهُكَ المزروعُ مثلَ وردةٍ فی داخلی..
وحبكَ الباقی على شَعری على أناملی
بحقِّ ذكریاتنا
وحزننا الجمیلِ وابتسامنا
وحبنا الذی غدا أكبرَ من كلامنا
أكبرَ من شفاهنا..
بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ فی حیاتنا
أسألكَ الرحیلا
***
لنفترق أحبابا..
فالطیرُ فی كلِّ موسمٍ..
تفارقُ الهضابا..
والشمسُ یا حبیبی..
تكونُ أحلى عندما تحاولُ الغیابا
كُن فی حیاتی الشكَّ والعذابا
كُن مرَّةً أسطورةً..
كُن مرةً سرابا..
وكُن سؤالاً فی فمی
لا یعرفُ الجوابا
من أجلِ حبٍّ رائعٍ
یسكنُ منّا القلبَ والأهدابا
وكی أكونَ دائماً جمیلةً
وكی تكونَ أكثر اقترابا
أسألكَ الذهابا..
***
لنفترق.. ونحنُ عاشقان..
لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان
فمن خلالِ الدمعِ یا حبیبی
أریدُ أن ترانی
ومن خلالِ النارِ والدُخانِ
أریدُ أن ترانی..
لنحترق.. لنبكِ یا حبیبی
فقد نسینا
نعمةَ البكاءِ من زمانِ
لنفترق..
كی لا یصیرَ حبُّنا اعتیادا
وشوقنا رمادا..
وتذبلَ الأزهارُ فی الأوانی..
***
كُن مطمئنَّ النفسِ یا صغیری
فلم یزَل حُبُّكَ ملء العینِ والضمیر
ولم أزل مأخوذةً بحبكَ الكبیر
ولم أزل أحلمُ أن تكونَ لی..
یا فارسی أنتَ ویا أمیری
لكننی.. لكننی..
أخافُ من عاطفتی
أخافُ من شعوری
أخافُ أن نسأمَ من أشواقنا
أخاف من وِصالنا..
أخافُ من عناقنا..
فباسمِ حبٍّ رائعٍ
أزهرَ كالربیعِ فی أعماقنا..
أضاءَ مثلَ الشمسِ فی أحداقنا
وباسم أحلى قصةٍ للحبِّ فی زماننا
أسألك الرحیلا..
حتى یظلَّ حبنا جمیلا..
حتى یكون عمرُهُ طویلا..
أسألكَ الرحیلا..

 

 



أریدك أنثى ...

ولا ادعی العلم فی كیمیاء النساء..
ومن أین یأتی رحیق الأنوثة
وكیف تصیر الظباء ظباء
وكیف العصافیر تتقن فن الغناء..

أریدك أنثى ..
ویكفی حضورك كی لا یكون المكان...
ویكفی مجیئك كی لا یجیء الزمان..
وتكفی ابتسامة عینیك كی یبدأ المهرجان...
فوجهك تأشیرتی لدخول بلاد الحنان...

أریدك أنثى ...
كما جاء فی كتب الشعر منذ ألوف السنین...
وما جاء فی كتب العشق والعاشقین...
وما جاء فی كتب الماء... والورد ... والیاسمین..
أریدك وادعة كالحمامة...
وصافیة كمیاه الغمامة...
وشاردة كالغزالة...
ما بین نجد .. وبین تهامة...

أریدك مثل النساء اللواتی
نراهن فی خالدات الصور...
ومثل العذارى اللواتی
نراهن فوق سقوف الكنائس
یغسلن أثدائهن بضوء القمر...

أریدك أنثى ..
لتبقى الحیاة على أرضنا ممكنة..
وتبقى القصائد فی عصرنا ممكنة...
وتبقى الكواكب والأزمنة..
وتبقى المراكب، والبحر، والأحرف الأبجدیة..
فما دمت أنثى فنحن بخیر...

أریك أنثى لأن الحضارة أنثى..
لأن القصیدة أنثى ..
وسنبلة القمح أنثى..
وقارورة العطر أنثى...
وباریس – بین المدائن- أنثى...
وبیروت تبقى – برغم الجراحات – أنثى...
فباسم الذین یریدون أن یكتبوا الشعر .. كونی امرأة..
وباسم الذین یریدون أن یصنعوا الحب ... كونی امرأة..

 

 


أرید بندقیة


أرید بندقیة
خاتم أمی بعته
من أجل بندقیة
محفظتی رهنتها
من أجل بندقیة ..
اللغة التی بها درسنا
الكتب التی بها قرأنا ..
قصائد الشعر التی حفظنا
لیست تساوی درهما
أمام بندقیة ..

******

أصبح عندی الآن بندقیة
على فلسطین خذونی معكم
إلى ربى حزینة كوجه مجدلیة
إلى القباب الخضر .. و الحجارة البنیة
عشرون عاما و أنا
أبحث عن أرض وعن هویة
أبحث عن بیتی الذی هناك
عن وطنی المحاط بالأسلاك
أبحث عن طفولتی
وعن رفاق حارتی
عن كتبی .. عن صوری ..
عن كل ركن دافئ ..وكل مزهریة ..

******

أصبح عندی الآن بندقیة
إلى فلسطین خذونی معكم
یا أیها الرجال ..
أرید أن أعیش أو أموت كالرجال
أرید .. أن أنبت فی ترابها
زیتونة ، أو حقل برتقال ..
أو زهرة شدیة
قولوا .. لمن یسأل عن قضیتی
بارودتی .. صارت هی قضیتی ..

******

أصبح عندی الآن بندقیة ..
أصبحت فی قائمة الثوار
أفترش الأشواك و الغبار
و ألبس المنیة ..
مشیئة الأقدار لا تردنی
أنا الذی أغیر الأقدار .

******

یا أیها الثوار
فی القدس ، فی الخلیل ،
فی بیسان ، فی الأغوار..
فی بیت لحم ، حیث كنتم أیها الأحرار
تقدموا ..
تقدموا ..
فقصة السلام مسرحیة ..
و العدل مسرحیة ..
إلى فلسطین طریق واحد
یمر من فوهة بندقیة

 

 



أحمر الشفاه


كم وشوش الحقیبة
السوداء .. عن جواه
وكم روى .. للمشط
والمرآة .. ما رآه..
على فم ٍ.. أغنى
من اللوزة فلقتاه
یرضع حرف مخمل
تقبیله صلاه
دهانه نارٌ
و ما تحرقت یداه
لیس یخاف الجمر..
من طعامه الشفاه
إن نهضت لزینةٍ
تفتحت مُناه
وارتفَّ .. والتف .. على
یاقوتةٍ وتاه..
یمسحها .. فللوعود
الهجع ِ انتباه
سكران .. بین إصبعین
جدولى میاه..
یغزلُ نصف مغرب ٍ
كأنه إله
حیث جرت ریشته
فالرزق والرفاه
یهرقُ فی دائرةٍ
مضیئة ٍ دماه
مداه قوس لازورد
لیت لی مداه
یرش رشة ً هنا
حمراء .. من دماه
و یوقد الشموع .. حیث
غلغلت خطاه
إذا أتم دورة ً
قال العقیق : آه
أنت شفیعی عندها
یا أحمر الشفاه..

 

 


أرفضكم جمیعكم


أرفضكم جمیعكم
وأختم الحوار
لم تبق عندی لغة
أضرمت فی معاجمی
وفی ثیابی النار..
هربت من عمرو بن كلثوم..
ومن رائیة الفرزدق الطویلة
هاجرت من صوتی ومن كتابتی
هاجرت من ولادتی
هاجرت من مدائن الملح
ومن قصائد الفخار
***
حملت أشجاری إلى صحرائكم
فانتحرت..
من یأسها الأشجار
حملت أمطاری إلى جفافكم
فشحت الأمطار
زرعت فی أرحامكم قصائدی
فاختنقت..
یا رحما.. یحبل بالشوك والغبار..
حاولت أن أقلعكم
من دبق التاریخ..
من رزنامة الأقدار
ومن (قفا نبك)..ومن عبادة الأشجار
حاولت..
أن أفك عن طروادة حصارها
حاصرنی الحصار
***
أرفضكم..
أرفضكم..
یا من صنعتم ربكم من عجوة
لكل مجذوب بنیتم قبة
وكل دجال أقمتم حوله مزار
حاولت أن أنقدكم
من ساعة الرمل التی تبلعكم
فی اللیل والنهار
من الحجابات على صدوركم..
من القراءات التی تتلى على قبوركم
من حلقات الذكر
من قراءة الكف
ورقص الزار
حاولت أن أدق فی جلودكم مسمار
یئست من جلودكم
یئست من أظافری
یئست من سماكة الجدار..

 

 

 

هل تسمعین صهیل أحزانی ؟

 

ماتفعلین هنا؟
ما تفعلین هنا ؟
فالشاعر المشهور لیس أنا
لكننی ...
بتوتری العصبی أشبهه
وغریزة البدویّ أشبهه
وتطرفی الفكری أشبهه
وجنونی الجنسی أشبهه
وبحزنی الأزلی أشبهه
هل تسمعین صهیل أحزانی ؟
ما تبتغین لدیّ سیدتی ؟
فالشاعر الأصلی لیس أنا
بل واحد ثانی
یا من تفتش فی حقیبتها
عن شاعرٍ غرقت مراكبه
لن تعثری أبداً علیّ بأی عنوان
شبحٌ أنا … بالعین لیس یُرى
لغةٌ أنا من غیر أَحْرُفها
ملك أنامن غیر مملكة
وطنٌ أنا
من غیر أبواب وحیطان
یا غابتی الخضراء یؤسفنی
أنْ جئتِ بعد رحیل نیسان
أعشاب صدری الآن یابسة
وسنابلی انكسرت ..
وأغصانی
لا نار فی بیتی لأوقدها
فلیرحم الرحمن نیرانی
لا تحرجینی .. یا بنفسجتی
أشجار لوزك لا وصول لها
وثمار خوخك .. فوق إمكانی
لم یبق عندی ما أقدّمه
للحب
غیر صهیل أحزانی
أغزالة بالباب واقفة ؟
من بعدما ودّعت غزلانی
ماذا تُرى أهدی لزائرتی ؟
شعری القدیم ؟
نسیتُ قائله
ونسیتُ كاتبه
ونسیتُ نسیانی
هل هذه الكلمات شغل یدی ؟
إنی أشكّ بكل ما حولی
بدفاتری
بأصابعی
بنزیف ألوانی
هل هذه اللوحات من عملی ؟
أم أنها لمصوّرٍ ثانی
یا طفلةً . . جاءت تُذَكِّرنی
بمواسم النعناع والماءِ
ماذا سأكتبُ فوق دفترها ؟
ما عدتُ أذكرُ شكل إمضائی !!
لا تبحثی عنی .. فلن تَجدِی
منی ..
سوى أجزاء أجزائی
یا قطتی القزحیّة العینین
لا أحد
فی شارع الأحزان یعرفنی
لا مركب فی البحر یحملنی
لا عطر مهما كان یسكرنی
لا ركبة شقراء .. أو سمراء تدهشنی
لا حبّ
یدخل مثل سكینٍ بشریانی
بالأمس .. كان الحب تسلیتی
فالنهد .. أرسمه سفرجلةً
والعطر أمضغه بأسنانی
بالأمس كنتُ مقاتلاً شرساً

 

 


یدک

 

یدک التی حطت علی کتفی

كحَمَامَـةٍ .. نَزلَتْ لكی تَشـربْ

عنـدی تسـاوی ألـفَ مملَكَـةٍ

یـا لیتَـها تبقـى ولا تَذهَـبْ


تلكَ السَّـبیكَةُ.. كیـفَ أرفضُها؟

مَنْ یَرفضُ السُّكنى على كوكَبْ؟


لَهَـثَ الخـیالُ على ملاسَـتِها

وانهَارَ عندَ سـوارِها المُذْهَـبْ


الشّمـسُ.. نائمـةٌ على كتفـی

قـبَّلتُـها ألْـفـاً ولـم أتعَـبْ


نَهْـرٌ حـریریٌّ .. ومَرْوَحَـةٌ

صـینیَّةٌ .. وقصـیدةٌ تُكتَـبْ..


یَدُكِ الملیسـةُ ، كیـفَ أقنِـعُها

أنِّی بها .. أنّـی بها مُعجَـبْ؟


قولـی لَهَا .. تَمْضـی برحلتِها

فَلَهَا جمیـعُ .. جمیعُ ما تَرغبْ


یدُكِ الصغیرةُ .. نَجمةٌ هَرَبَـتْ

مـاذا أقـولُ لنجمـةٍ تلعـبْ؟


أنا سـاهرٌ .. ومعی یـدُ امرأةٍ

بیضاءُ.. هل أشهى وهل أطیَبْ؟

 

 

یومیات امرأة

 

لماذا فی مدینتنا ؟
نعیش الحب تهریباً وتزویراً ؟
ونسرق من شقوق الباب موعدنا
ونستعطی الرسائل
والمشاویرا
لماذا فی مدینتنا ؟
یصیدون العواطف والعصافیرا
لماذا نحن قصدیرا ؟
وما یبقى من الإنسان
حین یصیر قصدیرا ؟
لماذا نحن مزدوجون
إحساسا وتفكیرا ؟
لماذا نحن ارضیون ..
تحتیون .. نخشى الشمس والنورا ؟
لماذا أهل بلدتنا ؟
یمزقهم تناقضهم
ففی ساعات یقظتهم
یسبون الضفائر والتنانیرا
وحین اللیل یطویهم
یضمون التصاویرا
أسائل نفسی دائماً
لماذا لا یكون الحب فی الدنیا ؟
لكل الناس
كل الناس
مثل أشعة الفجر
لماذا لا یكون الحب مثل الخبز والخمر ؟
ومثل الماء فی النهر
ومثل الغیم ، والأمطار ،
والأعشاب والزهر
ألیس الحب للإنسان
عمراً داخل العمر ؟
لماذا لایكون الحب فی بلدی ؟
طبیعیاً
كلقیا الثغر بالثغر
ومنساباً
كما شعری على ظهری
لماذا لا یحب الناس فی لین ویسر ؟
كما الأسماك فی البحر
كما الأقمار فی أفلاكها تجری
لماذا لا یكون الحب فی بلدی
ضروریاً
كدیوان من الشعر
انا نهدی فی صدری
كعصفورین
قد ماتا من الحر
كقدیسین شرقیین متهمین بالكفر
كم اضطهدا
وكم رقدا على الجمر
وكم رفضا مصیرهما
وكم ثارا على القهر
وكم قطعا لجامهما
وكم هربا من القبر
متى سیفك قیدهما
متى ؟
یا لیتنی ادری
نزلت إلى حدیقتنا
ازور ربیعها الراجع
عجنت ترابها بیدی
حضنت حشیشها الطالع
رأیت شجیرة الدراق
تلبس ثوبها الفاقع
رأیت الطیر محتفلاً
بعودة طیره الساجع
رأیت المقعد الخشبی
مثل الناسك الراجع
سقطت علیه باكیة
كأنی مركب ضائع

 


محاولات قتل امراءة لا تقتل

 

وعدتكی أن لا احبكی
ثم أمام القرار الكبیر جبنت
وعدتكی أن لا أعود ..... وعدت
وان لا أموت اشتیاقا .... ومت
وعدت مرارا
وقررت أن استقیل مرارا
ولا أتذكر أنی .... استقلت
وعدت بأشیاء اكبر منی
فماذا غدا ستقول الجرائد عنی
أكیدا ستكتب أنی
جننت
أكیدا ستكتب أنی
انتحرت
وعدتكی أن لا أكون ضعیفاً
وكنت
وان لا أقول بعینیك شعراً
وقلت
وعدت بالا وألا وألا
وحین اكتشفت غبائی
ضحكت
وعدتكی أن لا أبالی بشعرك
حین یمر أمامی
وحین تدفق كاللیل فوق الرصیف
صرخت
وعدتكی أن أتجاهل عیناكی
مهما دعانی الحنین
وحین رائیتهما تمطرانی نجوماً
شهقت
وعدتكی أن لا اوجه
أی رسالة حب الیكی
ولكننی رغم انفی
كتبت
وعدتكی أن لا أكون فی أی مكاناً
تكونین فیه
وحین عرفت انك مدعوة للعشاء
ذهبت
وعدتكی ألا احبك
كیف .. وأین .. وفی أی یوم
وعدت
لقد كنت اكذب من شدة الصدق
والحمد الله أنی
كذبت
وعدت بكل برود وبكل غبائی
بإحراق كل الجسور ورائی
وقررت بالسر قتل جمیع النسائی
وأعلنت حربی علیكی
وحین رئیت یدیكی المسالمتین
اختجلت
وعدت بالا وألا وألا
وكانت جمیع وعودی
دخانا وبعثرته فی الهوائی
وعدتكی أن لا أتلفن لیلاً
وان لا أفكر فیكی حین
تمرضین
وان لا أخاف علیك
وان لا اقدم وردا
وتلفنت لیلا على الرغم منی
وأرسلت وردا على الرغم منی
وعدت بالا وألا وألا
وحین اكتشفت غبائی
ضحكت
وعدت بذبحك خمسین مرة
وحین رائیت الدماء تغطی ثیابی
تأكد أنی الذی قد
ذبحت
فلا تأخذینی على محمل الجدی
مهما غضبت ومهما فعلت

 

قصیدة ضد كل شیء

ـ 1 ـ

لا یمكننی أن أبقى طول حیاتی
مسمارا مدقوقا فی جسد الوطن ..
و فی جسد اللغة
أو فی جسد حبیبتی
إننی أنتمی إلى طبقة من الشعراء
یستحیل تصنیفهم
و إلى نوع من الخیول العربیة
لیس لها مالك ..
و إلى نوع من الطیور الجارحة
یستحیل تدجینها
و إلى نوع من الأشجار
لا تموت إلا وهی واقفة
و إلى فصیلة من الأرانب المتوحشة
لا تنام إلا فی أحضان النساء ! !

ـ 2 ـ

من رحم الحریة ولدت
وفی رحم الحریة سأدفن
هذه باختصار .. هی سیرتی الذاتیة

ـ 3 ـ

لا یمكن لأی نظام
أن یلقی القبض على قصائدی
لأنها مدهونة بزیت الحریة ! !

ـ 4 ـ

منذ أن نزلت من بطن أمی
و أنا أحترف التحریض
و أحرض اللغة على مفرداتها
و النص على كتابه
و الشفة على كَرَزِهَا
و العیون على سوادها
و الأساور على معاصمها
و الأنوثة على أنوثتها

ـ 5 ـ

القصائد التی أكتبها ..
لا تشبه أحدا
لا تشبه قصائد جریر
أو طرفة بن العبد
أو العباس بن الأحنف
أو عروة بن ورد
أو جمیل بثینة
إنها تشبهنی وحدی
بعینی الزرقاوین
و شعری المغطى بالثلوج
و أصابعی التی أحرقتها السجائر
و لغتی التی أخذتها عن عصافیر
الشام ....

ـ 6 ـ

كتابة قصیدة حب
فی الوطن العربی
تشبه حكایة قمیص من الحریر
لأجساد ...
تعودت أن تلبس الخیش ! !

ـ 7 ـ

كلما تغزلت بامرأة جمیلة

 

 


فالنتاین

ـ 1 ـ

فی عید ( فالنتاین )
بحثت یا حبیبتی عن وردة حمراء
أرسلها سفیرة عنی
بعید عشق العشاق
فلم أجد فی السوق أی وردة
حمراء .. أو بیضاء .. أو صفراء ..
لأن كل الورد فی الأسواق
ـ كما یقول بائع الأزهار ـ
قد اشترته شعبة المباحث ،
لزوجة الخلیفة الرشید ! ! ...

ـ 2 ـ

فی عید ( فالنتاین )
أردت أن أرسل یا أمیرتی
بطاقة وردیة
أكتب فیها كل ما أرید ..
عن ذالك الحب الذی یذبحنی
ذبحا .. من الورید للورید ...
نخلت ، یا حبیبتی ، شوارع المدینة
مكتبة .. مكتبة ..
واجهة .. واجهة ..
زاویة .. زاویة..
لكننی فشلت فی مهمتی
لأنهم فی شعبة المباحث ..
ـ كما روى موظف فی المكتبة ـ
قد صادروا كل البطاقات التی تباع فی المدینة
و أرسلوها كلها لزوجة الرشید ! ! ..

ـ 3 ـ

فی عید ( فالنتاین )
حاولت أن أكتب عن عینیك ، یا حبیبتی
قصیدة جدیدة
ما كتبت یوما بتاریخ الأدب
حروفها من ذهب
زُنَّرُهَا من ذهب
سروالها من ذهب
و عندما فرغت من كتابتی
جاء رجال من لدى ( أبی لهب ) ! !
فاعتقلوا القصیدة ..
و أغلقوا بالشمع و الرصاص ..
علبة البرید ...

-4-

فی عید ( فالنتاین )
لا هاتف یرن فی بلادنا
لا طائر یطیر فی سمائنا
لا قمر ..
یُرَشْرِشُ الحلیب و الثلج على ثیابنا ..
لا كلمة جمیلة ..
تغیر العادی من كلامنا ..
لا امرأة ..
تُذَوِّبُ الصقیع فی أیامنا
لا رُزْمَةً تُحَرِّكُ الفضول فی أعماقنا
یحملها موزع البرید ...

ـ 5 ـ

فی عید ( فالنتاین )
فكرت أن أستعمل الفرشاة و الألوان
فی وصف ما أحسه ...
فكرت فی رِنْوَارَ ، فی مَاتِیسَ ، فی سِیزَانَ ..
فكرت أن أفعل ما یفعله نیْسان.......

 

 

 
 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ